سورة لقمان - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (لقمان)


        


{وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ} واسمه أنعم، ويقال: مشكم، {وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} قرأ ابن كثير: {يا بنْي لا تشرك بالله} بإسكان الياء، وفتحها حفص، والباقون بالكسر، {يا بني إنها} بفتح الياء حفص، والباقون بالكسر، {يا بني أقم الصلاة}، بفتح الياء البزي عن ابن كثير وحفص، وبإسكانها القواس، والباقون بكسرها. {وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} قال ابن عباس: شدة بعد شدة. وقال الضحاك: ضعفًا على ضعف. قال مجاهد: مشقة على مشقة. وقال الزجاج: المرأة إذا حملت توالى عليها الضعف والمشقة. ويقال: الحمل ضعف، والطلق ضعف، والوضع ضعف. {وَفِصَالُه} أي: فطامه، {فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} المرجع، قال سفيان بن عيينة في هذه الآية: من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله، ومن دعا للوالدين في أدبار الصلوات الخمس فقد شكر الوالدين.


{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} أي: بالمعروف، وهو البر والصلة والعشرة الجميلة، {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} أي: دين من أقبل إلى طاعتي، وهو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. قال عطاء عن ابن عباس: يريد أبا بكر، وذلك أنه حين أسلم أتاه عثمان، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، فقالوا له: قد صدّقت هذا الرجل وآمنت به؟ قال: نعم، هو صادق، فآمنوا به، ثم حملهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى أسلموا، فهؤلاء لهم سابقة الإسلام. أسلموا بإرشاد أبي بكر. قال الله تعالى: {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} يعني أبا بكر، {ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} وقيل: نزلت هاتان الآيتان في سعد بن أبي وقاص وأمه، وقد مضت القصة وقيل: الآية عامة في حق كافة الناس. {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ} الكناية في قوله: {إنها} راجعة إلى الخطيئة، وذلك أن ابن لقمان قال لأبيه: يا أبت إن عملت الخطيئة حيث لا يراني أحد كيف يعلمها الله؟ فقال: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ} قال قتادة: تكن في جبل. وقال ابن عباس: في صخرة تحت الأرضين السبع، وهي التي تكتب فيها أعمال الفجار، وخضرة السماء منها. قال السدي: خلق الله الأرض على حوت- وهو النون الذي ذكر الله عز وجل في القرآن {ن والقلم}- والحوت في الماء، والماء ظهر صفاة، والصفاة على ظهر ملك، والملك على صخرة، وهي الصخرة التي ذكرها لقمان ليست في السماء ولا في الأرض، والصخرة على الريح {أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ} باستخراجها، {خَبِيرٌ} عالم بمكانها، قال الحسن: معنى الآية هو الإحاطة بالأشياء، صغيرها وكبيرها، وفي بعض الكتب إن هذه الكلمة آخر كلمة تكلم بها لقمان فانشقت مرارته من هيبتها فمات.


{يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَك} يعني من الأذى، {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ} يريد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر على الأذى فيهما، من الأمور الواجبة التي أمر الله بها، أو من الأمور التي يُعْزم عليها لوجوبها. {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} قرأ ابن كثير، وابن عامر، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب: {ولا تصعِّر} بتشديد العين من غير ألف، وقرأ الآخرون: {تصاعر} بالألف، يقال: صعر وجهه وصاعر: إذا مال وأعرض تكبرًا، ورجل أصعر: أي: مائل العنق. قال ابن عباس: يقول: لا تتكبر فتحقِّر الناس وتعرض عنهم بوجهك إذا كلموك. وقال مجاهد: هو الرجل يكون بينك وبينه إحنة فتلقاه فيعرض عنك بوجهه. وقال عكرمة: هو الذي إذا سُلِّم عليه لَوَى عنقه تكبرا. وقال الربيع بن أنس وقتادة: ولا تحتقر الفقراء ليكن الفقر والغني عندك سواء، {وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحًا} خيلاء {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبّ، كُلَّ مُخْتَالٍ} في مشيه {فَخُورٍ} على الناس. {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} أي: ليكن مشيك قصدًا لا تخيلا ولا إسراعًا. وقال عطاء: امش بالوقار والسكينة، كقوله: {يمشون على الأرض هونا} [الفرقان- 63]، {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} انقص من صوتك، وقال مقاتل: اخفض صوتك {إِنَّ أَنْكَرَ الأصْوَاتِ} أقبح الأصوات، {لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} أوله زفير وآخره شهيق، وهما صوت أهل النار.
وقال موسى بن أعين: سمعت سفيان الثوري يقول في قوله: {إِنَّ أَنْكَرَ الأصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} قال: صياح كل شيء تسبيح لله إلا الحمار. وقال جعفر الصادق في قوله: {إِنَّ أَنْكَرَ الأصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} قال: هي العطسة القبيحة المنكرة. قال وهب: تكلم لقمان باثنى عشر ألف باب من الحكمة، أدخلها الناس في كلامهم وقضاياهم وحكمه: قال خالد الربعي: كان لقمان عبدًا حبشيًا فدفع مولاه إليه شاة وقال: اذبحها وائتني بأطيب مضغتين منها، فأتاه باللسان والقلب، ثم دفع إليه شاة أخرى، وقال: اذبحها وائتني بأخبث مضغتين منها فأتاه باللسان والقلب، فسأله مولاه، فقال: ليس شيء أطيب منهما إذا طابا ولا أخبث منهما إذا خبثا.

1 | 2 | 3 | 4